حركة الشّباب التُّونسي

علي باش حانبة[1]

مُؤسِّس جمعية قُدماء الصادقيّة

(1918-1876)

 

… ينحدرُ علي باش حانبة [المولود بتونس سنة 1876] مِن أسرة تركيّة عريقة مِن سكّان الأناضول، وهي المقاطعة الشاسعة التي وفّرت للدَّولة العثمانيّة والإيالة التونسيّة عددًا كبيرًا مِن الجنود البواسل والبحّارة المِقدَامِين. وقد ورث علي باش حانبة عن جدِّه الذي كان رئيسًا لجند الترك بتونس، نفوذه وحبّه النظام وصراحته التي مَكّنته مُنذ شبابه الباكر مِن التأثير على أقرانه الذين كانوا يعترفون جميعًا بما كان له عليهم مِن نفوذ. وقد كان المترجم له مِن أوّل الشاعرين بتلك الحظوة البالغة التي سيستغلّها لبلوغ غايته القُصوى، ألا وهو تحرير البلاد.

والجديرُ بالذِّكر أنّ علي باش حانبة كان مِن تلامذة المدرسة الصادقيّة النّابهِين، وكان يُثِيرُ إعجاب أقرانه وأساتِذته على حدّ سواء بما كان يتمتّعُ به مِن حزم وقدرة فائقة على الاستيعاب واجتهاد في العمل.

وبعد نجاحه في امتحان خَتْمِ الدُّروس بذلك المعهد، دُعِيَ إلى الإشراف على إدارة أوقاف الصادقيّة بصفة وكيل. فأقبل في الحين على إعادة تنظيم المصالح الماليّة المَوْكُولَة إلى عُهْدَته وبَذَلَ كلّ ما في وسعه لتسجيل العقّارات التابعة لأملاك المدرسة حتّى يَضْمنَ لها حياة آمنة ومُنظّمة حسبما كان يرغب فيه مؤسّسها الوزير خير الدِّين.

ولكن رغم ما أحرزه مِن نجاحٍ في هذا الميدان، فقد أقرّ العزم على التحرّر مِن جميع العوائق الإداريّة والتفرّغ لخدمة قضيّة بلاده، وبناءً على ذلك فقد اسْتَغلَّ أوقات فراغه لإعداد الإجازة في الحقوق … وبعد نجاحه في امتحاناتها لم يتردّد أيّة لحظة، رغم العُروض المُغْرِيَة المُقدّمة إليه في التخلّي عن مهامِّه الإداريّة واقتحام الحياة العامّة التي كانت دومًا وأبدًا نَصْبَ عَيْنَيْهِ[2].

وكان قد أدركَ قبل ذلك، مثل الكثيرِين مِن زملائِه، أهميّة تَنْسيق الجهود المَبْذُولَة في سبيل العمل المُشترك الرَّامِي إلى النهوض بالبلاد التونسيّة ثقافيًّا ومعنويًّا. كما شعر بالضرورة القُصوى لتوجيه كافّة الطاقات في اتّجاه وطني واحد فأنشأ نُخبة مِن زُملائِه الصادقيِّين “جمعيّة قُدماء المدرسة الصادقيّة” في أواخر سنة 1905. وكان الغَرضُ مِن تأسِيسِهَا حسب رَأْيِه تَيْسيرُ جمع العناصر الناشطة والمُستعدّة للعملِ مِن الشّبِيبة التونسيّة في صُلْبِ مُنظّمة واحدة، وتشجيع المبادلات الثقافيّة بين الفرنسيِّين والتونسيِّين، خدمة لسياسة الوفاق والمودّة التي كان علي باش حانبة يرغبُ رغبةً مُلِحّة في إحلالها مَحلّ الريبة والاحتراز.

ولكنّ تلك المُحاولة السخيّة لم تستطع التغلُّبَ على تحفظّاتِ كِلاَ الطرَفَيْنِ وإزالة أفكارهما المُسبّقة الراسِخة، ولم تُفْلِحْ في تحقيق التقارب المَرْغُوبِ فيه بين المُمثِّلين الحقيقيّين لكلّ طرف عن طريق الاتّصالات الودّيّة المُتكرّرَة.

وقد شجّع علي باش حانبة وأصدقاءَه ما لَقِيَهُ زميلهم محمّد الأصرم مِن صَدى طيّب في المؤتمر الاستعماري المنعقد بمرسيليا سنة 1906، فأعربُوا عن رغبتِهم في إبلاغ صوت الشبّان التونسيّين المُتشبِّعين بالثقافة العصريّة والمُوالِينَ للحضارة الغربيّة إلى الفرنسيِّين الأحرار في عقر دارهم.

وتحقيقًا لتلك الغاية قرّرُوا إصدار جريدة ناطقة بالفرنسيّة أَطلقوا عليها اسم “التونسي”، لتكون لسان حال المثقّفين التونسيِّين وتُعبّر بأمانة عن أفكارهم واتِّجاهاتِهم السياسيّة واختارُوا بالإجماع علي باش حانبة للإشراف على إدارة تلك الجريدة التي أحسّ المُثقّفون التونسيُّون مُنذ أمدٍ بعيد بضرورة إصدارها، وكلّفوه بمُهمّة تحرير برنامج الحركة الجديدة التي ظهرت للوجود والمعروفة باسم “حركة الشبّان التونسيّين”. فأعرب منذُ العدد الأوّل مِن الجريدة الصادر في 7 فيفري 1907 عن عزمه الراسخ على عرض أهداف الحركة والدِّفاع عنها بلا هوادة ولا مجاملة …

على أنّ علي باش حانبة المُتشبّع بالثقافة الفرنسيّة والمؤمن بالنظريّات الفلسفيّة والسياسيّة التي يُنادِي بها المُمَثِّلون الحقيقيُّون لتلك الثقافة لم يكن يرى أيّ داعٍ للشكِّ في أنّ مبادرته -هو جماعته- لن تَحظَى بالتشجيع والعطفِ مِن كافّة الأوساط، لا سيّما وقد سبق له أن عبّر في مناسبات مُتعدّدة عن رغبته الصادقة في العمل على تحقيق التقارب بين الفرنسيّين والتونسيّين، وذلك بالتصدِّي إلى أصل الداء الذي يُعاني منه كلا العنصرين على حدٍّ سواء.

ولئن لم تَسْمَح الظُّرُوف وسوء نيّة بعض الأشخاص بتحقيق تلك الأمال وأجبرت صاحبها على تعديل مواقفه، بعد بِضْعِ سنوات مليئة بالأحداث والخَيْبَات المُرّة، فلعلَّه مِن الظلم أن نَنْسِبَ إلى السذاجة وقلّة الخبرة ما كان راجعًا في الواقع إلى اندفاع مزاج سخيّ ووفيّ، لم تستطع أن تنال منه صروف السياسة ولا مُلابساتها المُحيّرة والقاسية أحيانًا.

ولئن فَقَدَ علي باش حانبة وقسم كبير مِن أصدقائه كلّ أملٍ في نجاعة المنطق دون سواه لإحباطِ مساعِي كلّ مِن دفعتهم المصلحة الخاصّة أو النزوات الحزبيّة إلى رفضِ التعاون النزيه والمُثمر الذي يُمثّل الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتغيِير الجَوِّ السياسي بالبلاد تَغييرًا جِذْرِيًّا، فإنّه لم يُهْمِل الجانب الآخر مِن برنامجه، ألا وهو السعي إلى لَفْتِ انتِبَاه التونسيّين مِن ذَوِي الثقافة العربيّة وتعوِيدِهم عن طريق المُشاركة على دراسة المسائل ذات المصلحة العامّة التي لم يستطيعوا إلى حدّ ذلك التاريخ تقديم أيّة مُساهمة جِدّيّة في مُعالجتها، لافتقارهم إلى ما يكفي مِن المفاهيم الملمُوسَة الضروريّة لإدراكِ تلك المسائل وتقدير نَسَق السرعة اللاّزمة لدراستها، بحسب حاجات المُجتمع.

وتحقيقًا لتلك الغاية أصدر علي باش حانبة [في سنة 1909]، إلى جانب جريدة “التونسي” الناطقة بالفرنسيّة، نشرة ناطقة باللغة العربيّة يَفْصِلُ بين صدُورِهما يَومَان أو ثلاثة [ وعهد بإدارة النشرة العربيّة إلى الشيخ عبد العزيز الثعالبي]. وبفضل ذلك أصبحت المشاكل المطروحة تَلْقَى رَوَاجًا أكبر لدى التونسيّين …

ومِن ناحية أخرى الْتَجَأَ علي باش حانبة إلى الاتّصالات المُباشرة والمُتكرّرة مع بعض مُمَثِّلِي الثقافة التقليديّة اليَقظِينَ والمُؤهّلين أكثر مِن غيرهم لإدراك النظريَّات التي كان يُنادِي بها، وذلك لاعتقادِه بإمكانيّة تكوين نوَاة مِن المساعدين القادرين بما لهم مِن نفوذ، على استمالة بعض الأنصار، عسى أن يتوَفّق إلى تحقيق نجاح سياسته التقَدُّميّة والمتبصّرة.

ولكن مثل هذا العمل يتطلَّبُ طُولَ نَفَسٍ ولا يُمكن أن يُسفِرَ عن النتائج المَنْشُودة إلا بشرطِ توفير ما يَكفي مِن الوقت للوصول به إلى غايته القُصوى. وهذا بالضبط ما كان يَعُوزُ علي باش حانبة الذي استحثّته حوادث 1911 الأليمة [اجتياح البلاد الطرابلسيّة مِن طرف الجيوش الإيطاليّة وأحداث الزلاّج الدامية]. فاستأثرت تلك الحوادث بكامل نشاطه ووجّهته وجهة أخرى.

ذلك أنّه قد اضْطَرّ إلى مُواجهة بعض الالتِزامات غير المتوقّعة وأجبر على التخلّي -وَقْتِيًّا حسب ظنّه- عن المُهمّة التربوية التي كان يقوم بها بجدٍّ وإخلاصٍ في الميدان السياسي والاجتماعي، وتسخير جُهوده في إغاثة وإسعاف مواطنِيه المتعرِّضين للمُناوَرَات الدبلوماسيّة والهَيْمَنَة الأجنَبِيّة ونوامِيسها مُستعمِلاً في سبيل ذلك كل الوسائل التي وضعتها بين يديه مشاريع البرّ والإحسان الإسلاميّة.

إلا أنّ مثل هذا النشاط السائر في ذلك الاتّجاه لا يُمكن أن يَتَواصَلَ في مثل تلك الظُّرُوف إلى ما لا نهاية له، بدون إزعاج وبدون إثارة رُدُود فعل مِن قبل كل الذين عاكس رغائبهم.

فقد كان كافيًا لوضع حدّ لذلك النشاط أن يُقرّر سكّان مدينة تونس المُسلمون [في شهر فيفري 1922] مقاطعة الترامواي، على إثر العبارات الجارحة التي تفوّه بها بعض أعوان شركة الترامواي الأجانب، وأن يستمرُّوا في حركة المقاطعة، وأن يتضامن علي باش حانبة مع مواطنيه الذين وقع المسّ بكرامتهم، ويُطالِب الحكومة بالاستجابة لرغائبهم. فتعلّلت الإدارة بالهيجان السائد آنذاك في العاصمة على إثر توالي الأحداث المؤسفة التي جدّت بين التونسيّين والإيطاليّين، لتوجيه ضرباتها إلى التونسيّين، إذ قرّرت حلّ لجنة إغاثة اللِّيبِيِّين، وتعطيل جريدة “التونسي”، وإبعاد سبعة مِن أعضاء حركة الشباب التونسي مِن بينهم مدير الجريدة.

وهكذا وجد علي باش حانبة نفسه مَطرُودًا مِن وَطَنِه كأنّه مهرّج مبتذل، وأُجْبِرَ على البحث في بقاع أخرى مِن العالم عن مَلْجَأ لم تعد بلاده التونسيّة العزيزة عليه قادرة على توفيره له، لأنّه تجرّأ بصورة لا تُغتَفَر وربّما سابقة لأوانها على المطالبة بتمكين مواطنيه مِن نصيب أَوْفَر مِن الكرامة والحريّة.

ولكن إلى أين سيتّجه؟ هل يتّجه إلى مصر التي كانت تشهد وقتئذ غَلَيانًا سِياسيًّا شديدًا، وقد لبّت الطبقات المُثقّفة نداءات الزعيم مصطفى كامل المؤثّرة والحازمة، بعدما استيقظت من سباتها العميق وأخذت تُنظّم صُفُوفها للمطالبة بتحرير وادي النِّيل والعمل على تحقيق تلك الغاية على مراحل؟ أم يتحوّل إلى سوريا حيث نهض الوطنيُّون الحازِمُون في كلّ مكان رغم الحضور التركي للمُطالبة هم أيضًا –ولكن بأقلّ حدّة – بمنح تلك المقاطعة الكبرى الحكم الذاتي داخل امبراطورية فيديراليّة تركيّة قائمة على أساس اللاّمركزيّة؟ كَلاّ! إنّ اختياره لم يقع لا على هذه ولا على تلك، إنّما استقرّ رأيه على مواصلة كفاحه الشرعي في بلد آخر، فاختار التوجّه إلى تركيا التي أعادت إليه الحياة ثورة “الاتّحاد والترقّي” في سنة 1908 وأصبحت تطلّع إلى استئناف دَورِها بوصفها حاملة لواء الوحدة الإسلاميّة الرُّوحيّة والدِّينيّة، بالرغم مِن الانتكاسات القاسية التي تسبَّبت فيها الحرب البلقانيّة المشهورة عليها عمدًا لتعطيل نهضتها.

ففي اسطنبول مدينة قياصرة الرُّوم التي أصبحت منذ ما يقرب مِن السبعة قرون، بفضل عزيمة العثمانيِّين، عاصمة الخلافة الإسلاميّة والورِيثة الشرعيّة، بعد بغداد والقاهرة، للسلطة الخليفيّة التي أحالها وهَن آخر خلفاء بني العبّاس إلى السلطان سليم الأوّل [1512 – 1520]، في تلك العاصمة استقرّ علي باش حانبة وأقبَلَ في الحين على الاضطلاع بالمهمّة العظيمة التي كانت تُرَاوِدُ فكره دومًا وأبدًا … فأخذ يتعوّد شيئًا فشيئًا على الوسط الذي سيعيش فيه منذ ذلك التاريخ، لا سيّما وقد كان يتقن اللغة التركيّة، بالإضافة إلى الفرنسيّة والإنكليزية. وبفضل ذلك تمكّن بسهولة مِن أوّل وهلة مِن الاتّصال المباشر مع مختلف العناصر المتباينة المقيمة في تلك العاصمة العظيمة.

واعتبارًا لما كان يتحلّى به مِن كياسة طبيعيّة في مجتمع يُقدِّر تلك الخاصّيّة حق قَدْرِهَا، وما كان يمتَازُ به مِن معرفةٍ قانونيّة وبَراعَةٍ صحفيّة وحِنكة دبلوماسيّة، دُعِيَ بعد مدّة قليلة إلى الانتماء إلى مجلس الدَّولة، وقد تمّ تكليفه بدراسة أشدّ المسائل تعقّدًا أو أكثر تنوّعًا، فتمكّن بفضل خِبرته وتجربَتِه السياسيّة مِن فَضِّها على أحسن وجه وفقًا لمصالح الدَّولة الناشئة التي تبنّى مِن أوّل وهلة أغراضها الجريئة والمنعشة.

… فمن ذا الذي سيُحدّثنا في يوم مِن الأيام عمّا قاساه ذلك الرجل، وعن ظروف هجرته وأسبابها الواهية، لا سيّما بعد ما وجد نفسه على إثر اندلاع الحرب بين تركيا والحلفاء مفصولاً عن تونس، لا يَتلقَّى أخبارها إلا عن طريق بعض المواطنين القادمين إلى اسطنبول قبل الحرب العالميّة الأُولَى لغرض التجارة أو السياحة، والذين لا يتردّدون مَهما كانت التكاليف عن زيارة ذلك المنفيّ العظيم في بيته المفتوح في وجه جميع أبناء المغرب العربي بلا استثناء.

لقد كان الحزن يَسْتَوْلِي عليه كُلّما فكّر في تلك الحرب الضرُوس التي كان تَنبّأَ بها وَخَشِيَ عواقبها وعارضها خفية، وكيف أنّها ستَحُول بينه وبين الرجوع إلى بلاده إلى أجل طويل.

ومِن أجل ذلك فرضَ على نفسه مُنذ ذلك الحين عملاً شاقًّا، لم يرغمه عليه سوى الأمل في التخلّص مِن تلك الوساوِس، وربّما التخفيف مِن آثار الانهيار العصبي الذي بدأ يُهدّد بخطورة مزاجه المتّسم عادة بالتفاؤُل والحيويّة.

وتحقيقًا لتلك الغاية لم يَستَصْعب القيام بأيّ عمل من الأعمال مِن ذلك أنّه أقبل بحماس وبمَحْضِ إرادتِه على الاضطلاع ِبأصعبِ المهمّات وأكثرها تنوّعًا، كإغاثة المقاتلين والمعوزين، وإعانة اللاّجئين، وإيواء أَسْرَى الحرب، إلى غير ذلك مِن مشاريع البرّ والإحسان التي وجدت فيه المُنشّط المُخلص والعامل المُتفاني…

ولكنّ تلك الجُهود المبذولة بلا كَلَلٍ ولا مَلَلٍ لإغاثة منكوبِي الحرب، وكلّ تلك الخيبات الناتجة عن تلاشي آماله، لا سيّما بعد انهيار الواجهات التركيّة في سوريا والعراق ذلك الانهيار المنذر بالانحلال المَحتوم والمقبل لتلك الامبراطوريّة التي بذل كلّ ما في وسعه -كالكثيرين مِن أمثاله- لانتعاشها، إنّ كلّ ذلك كان لا بدّ أن يؤثّر في آخر الأمر في صحّته المتدهورة مِن قبل، وأن يعجّل بوضع حدّ لتلك الحياة المسخّرة بأكملها للنهوض بالوطن التونسي والأمّة الإسلاميّة قاطبة.

ففي نفس اليوم الذي أبرمت فيه هدنة مودروس [أكتوبر 1918] لقيَ علي باش حانبة حتفه على إثر إصابته بحُمّى كانت على غاية مِن الخطورة، وقد كان محفوفًا بذَوِيه وبعض أصدقائه الأوفياء الذين مَكَثُوا إلى جانبه إلى آخر رمقٍ مِن حياتِه.

ومِن الغدِ شُيِّعت جنازة الفقيد عند غروب الشمس، ودُفِنَ على جناح السرعة بالقربِ مِن قصر شيراغان الذي أقامه السلطان عبد العزيز استجابةً لإحدى نزواته، وقد أصبح أثرًا بعد حين، ما فتئت ترفرف على أطلاله روحه الكئيبة.

فبارك الله في تلك الأرض الطيّبة التي احتضَنَت إلى الأبد[3] رُفات ذلك التونسي العظيم الوفيِّ لبلاده إلى آخر يوم مِن حياته، وقد كان يُؤمّل لها مستقبلاً باهرًا ويُخيَّل إليه أحيانًا أنّه يلمح في الأفق بُزُوغ فجرها الجديد.

 

[1] الصادق الزمرلي، أعلام تونسيّون، تعريب حمّادي السّاحلي دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1986.

[2] شغل علي باش حانبة منصب وكيل أملاك المدرسة الصادقيّة من 1898 إلى 1906.

[3] لقد تم نقل رفات المرحوم علي باش حانبة مِن اسطنبول إلى تونس يوم 9 أبريل 1968 بمناسبة الاحتفال بذكرى الشهداء.

مقالات مقترحة