أعلام زيتونية

ترجمة الشيخ عمر العدّاسي

ترجمة الشيخ عمر العدّاسي رحمه الله تعالى

 

     ولد المنعم المبرور الشيخ عمر بن صالح العدّاسي بتينجة من ولاية بنزرت في 15 سبتمبر 1902م. حفظ القرآن الكريم ومبادئ اللّغة العربيّة ثمّ إلتحق بجامع الزيتونة المعمور فاندرج في سلك طلبته، وذلك في أكتوبر سنة 1920م إلى أن حصل على شهادة التطويع في العلوم في جوان 1927م.

     تتلمذ المترجم له في مختلف مراحل التعليم بجامع الزيتونة المعمور إلى نخبة من علماء عصره الأجلاّء نخصّ بالذكر منهم: الأستاذ الإمام الشيخ محمّد الطاهر بن عاشور، وشيخ الاسلام محمّد العزيز جعيط، والمفتي المالكي بلحسن النجّار، والشيخ محمّد العنّابي، والشيخ محمّد ابن القاضي، والشيخ عثمان بن المكّي، والشيخ إبراهيم المارغني، والشيخ الصادق الشطّي.

     شارك الشيخ عمر العدّاسي سنة 1926م في امتحان التطويع في القراءات، وكان من النّاجحين البّارزين، ثمّ نجح في مناظرة المعاونين للتعليم الزيتوني سنة 1928م، واجتاز مناظرة التدريس من الطبقة الثانية، ثمّ سُمّيَ مدرّساً من الطبقة الأولى في سنة 1949م، وباشر التدريس مدّة سنوات عديدة بإخلاص وإتقان، فتخرّج على يديه الكثير من الطلبة الّذين يحملون عنه الذكر الحسن.

     في سنة 1935م وقع انتداب 5 مترشّحين من مدرّسي جامع الزيتونة لتدريس العلوم الإسلاميّة بالمدرسة الصادقية، نظراً إلى ارتفاع عدد التلامذة الّذين يزاولون هذه العلوم. وهؤلاء المدرّسون هم: المختار البجاوي، ومحمود ابن الطاهر، وعمر العدّاسي، ومحمد السويح، ومحمّد الشاذلي النيفر. وقد اعترضت إدارة العلوم والمعارف على تعيين ثلاثة من المترشحين، وقرّرت تعيين المدرّسين الآتي ذكرهم: وهم: محمّد الشاذلي النيفر، وأحمد بن ميلاد، ومحمّد بن الأمين، وعمر العدّاسي، وبلحسن الأخوة.

     وهكذا إلتحق فضيلة الشيخ عمر العدّاسي بسلك المدرّسين بالمدرسة الصادقيّة منذ سنة 1935م، وكُلِّف بتدريس الفقه الاسلامي، فقام بهذه المهمّة على أحسن وجه، وكان مثالاً للأستاذ النّاجح الّذي يحرص على الإفادة وغرس القيم النبيلة في نفوس النّشء. وقد تخرّج على يده مجموعة من التلاميذ الّذين شغلوا أعلى المناصب في التربية والتعليم والإدارة.

     لمّا تعطّلت الدروس في جامع الزيتونة إثر الاستقلال، أنتُدِب الشيخ العدّاسي للتدريس في الجامعة الإسلاميّة بالبيضاء بليبيا، صحبة ثلّة من مشائخ الزيتونة. فدرّس في تلك الجامعة الفقه وأصوله، والنّحو، والبلاغة طيلة 12 سنة: من 1960م إلى 1972م، وتخرّج على يديه عدد كبير من الطلبة اللّيبيّين الّذين مازالوا يذكرونه ويشكرون فضله.

     بعد رجوع الشيخ عمر العدّاسي من ليبيا الشقيقة في السبعينات، أقبل الشيخ على إلقاء دروس في الفقه المالكي للخاصّة والعامّة بجامع الزيتونة المعمور، ومدارسة صحيح البخاري بشرح القسطلاني، وموّطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد بشرح الساعاتي. وقد كانت هذه الدّروس محلّ إقبال كبير من طرف التلاميذ والطلبة وعموم المصلّين لما وجدوا فيها من جدّية وسعة الاطّلاع على أحكام الإسلام.

     بعد وفاة أستاذه الشيخ محمد الزغواني تولّى رحمه الله الإشراف على مجلس الحديث بجامع الشربات الكائن بنهج أبي القاسم الشابي، وقد كان مواظباً على الدرس صبيحة يومي الإثنين والخميس يتولّى فيه تدريس كتاب «ترتيبات الشيخ البنّا لمسند الإمام أحمد بن حنبل» وكتاب «الجامع الصحيح للإمام البخاري بشرح القسطلاني».

     وبالإضافة إلى الدّروس الفقهيّة الحديثية كان الشيخ عمر العدّاسي حريصاً على تخصيص جانب من نشاطه للعناية بالقرآن الكريم عملاً بحديث النبيّ ﷺ: «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه»، فهو ينتقل ثلاث مرّات في الأسبوع من مدينة الزهراء إلى جامع الزيتونة المعمور راكباً القطار ولا يتخلّف أبداً إلاّ لعذر قاهر، وذلك للإشراف على «الدُولَة»: وهي الالتزامات اليوميّة بقراءة القرآن بجامع الزيتونة بعد صلاة الصبح. كما كان للشيخ العدّاسي إملاءات قرآنية ودروس فقهيّة بجامع الزهراء القريب من محلّ سكناه.

     انتقل الراحل العزيز إلى جوار ربّه تعالى يوم الخميس 17 رمضان 1410ه الموافق لـ 11 أفريل 1990م في صلاة الفجر بجامع الزهراء، ودفن بمقبرة الزلاج بحضور جمع غفير من المشيّعين. رحم الله الشيخ سيدي عمر العدّسي وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى