ترجمة الشّيخ محمد الصالح بن مراد

1881 ـــــ 1979م

 

هو محمّد الصالح بن أحمد بن محمّد حمدة بن محمّد بن مراد بن علي خوجه، ولد سنة 1881م بدار ابن مراد من نهج تربة الباي. ويقال أنّ عائلة ابن مراد من أصول تركيّة.

ينحدر المترجم له من عائلة علميّة فوالده هو العلاّمة الشّيخ أحمد بن مراد كان مدرساً بجامع الزيتونة الأعظم مدّة الخمسين عاماً، وإماماً بالجامع الحسيني المعروف بالجامع الجديد، وكان له موقف مشرّف من قضيّة التجنيس سنة 1933م.

حفظ القرآن الكريم وتلقاه على يد المؤدّب الحافظ علي الزواوي بكتاب نهج تربة الباي زنقة سيدي أبي سعيد، ثمّ انتقل إلى كتاب آخر نهج سيدي قضاي الحوائج وكان به مقرئ مشهور يعرف بسيدي الحاج صالح أخذ عنه مبادئ القراءات والتجويد.

وفي تلك الفترة كان يحضر بعض الدروس الّتي كان يلقيها عمّه الشّيخ الهادي ابن مراد بالمدرسة الحسينيّة الصغرى.

ثمّ التحق مترجمنا بجامع الزيتونة في سنّ مبكرة، وذلك سنة 1894م، وتلقّى العلوم على شيوخ أجلاّء منهم: فضيلة والده أخذ عنه المنطق والتوحيد والفقه والأصول، وعن الشّيخ مصطفى رضوان، وعن ابنه الشيّخ محمّد رضوان القاضي الحنفي وكان لا يجاري في الرياضيات والتوثيق والفرائض، وأخذ كذلك عن الشّيخ محمّد الشاذلي ابن القاضي، وكذلك عن شيخ الإسلام أحمد بيرم، وعن الشّيخ عمر ابن عاشور، والشّيخ صالح الشريف.

ولمّا أتمّ سنوات الدراسة القانونيّة تقدّم لامتحان التطويع فتحصّل عليه سنة 1900م. وكان بعد تخرجّه يتتلمذ لأبيه بدارهم نهج الغار عدد 5 من تربة الباي شتاء، وبدارهم بسيدي أبي سعيد صيفاً لا همّ له إلّا التحصيل.

باشر التدريس بوصفه متطوّعاً، ثمّ اجتاز سنة 1905م المناظرة وتحصّل على خطّة مدرّس من الطبقة الثانية.

وبعد سنتين اجتاز مناظرة أخرى ليتحصّل على رتبة مدرّس من الطبقة العليا في سنة 1907م.

واستمرّ يدرّس بالجامع ويباشر مهنة العدالة والتوثيق مدّة طويلة جدّاً وخلال عام 1937م سمّي أستاذ مبرزاً في الشرعيات والأدبيات والدراسات القرآنيّة.

في عام 1942م عندما آل حكم البلاد إلى الملك الصالح محمّد المنصف باشا باي، انتدب لأعلى خطّة في القضاء الشرعي، إذ تولّى مشيخة الإسلام، ورئاسة الديوان للمحكمة الشّرعيّة العليا.

ورغم الاعتداء الفرنسي بإزاحة الملك الصالح محمّد المنصف باي عن العرش في عام 1943م، فقد واصل مترجمنا عمله على رأس المحكمة الشّرعيّة حتّى كان مؤتمر ليلة القدر حيث حرّر الشّيخ ابن مراد وثيقة احتجاج شديدة اللّهجة أمضاها وطاف بها على زملائه ضدّ المستعمر الفرنسي، فحفظتها له فرنسا وانتهزها الباي الّذي كان يقف في وجه مطامحه ومطامعه الشّيخ ابن مراد فأزاحه عن خطّته في سنة 1946م فثارت الأمّة وكانت مظاهرات واضرابات شارك فيها الوطنيون والأحرار والزيتونيون.

مجلس يضم ثلة من مشائخ جامع الزيتونة (من اليسار الى اليمين): الشيخ سيدي محمود القرجي مدرس طبقة اولى بالتعليم الزيتوني، الشيخ سيدي الطيب سيالة القاضي المالكي عضو في هيأة المشيخة الزيتونية، الشيخ سيدي محمد صالح بن مراد شيخ الاسلام الحنفي، الشيخ سيدي ناجي بن مراد القاضي الحنفي، الشيخ سيدي علي بالخوجة المفتي الحنفي. اخذت الصورة سنة 1950 

كان رحمه الله عضواً عاملاً بالجمعيّة الخلدونيّة يمارس نشاطه داخل هيأة مجلسها حتّى سمّي كاهية رئيس في سنة 1931م، فألقى عدّة محاضرات علميّة وأدبيّة وتاريخيّة.

كان عضواً في غالب لجان إصلاح التعليم وكانت له آراء سديدة في هذا الشأن، وقد شارك في المعركة الّتي ثارت حول هذا الموضوع بكتابات ومقالات علميّة.

في عام 1937م أصدر الشّيخ ابن مراد مجلّة إسلاميّة علميّة أخلاقيّة كان يتولّى إدارتها وتحريرها والإشراف على كلّ موادها بنفسه وسمّاها «شمس الإسلام».

أمّا مؤلّفاته المطبوعة فلا نعرف منها إلّا كتاب: «الحداد على امرأة الحداد» الّذي كان ألّفه في الردّ على الطاهر الحدّاد في كتابه: «امرأتنا في الشريعة والمجتمع».

توفّي رحمه الله في 6 فيفري 1979م، ودفن من الغدّ بتربة أسلافه الكرام من مقبرة الزلاج، حيث رثاه الشاعر الأستاذ جلال الدّين النقّاش.

المصدر: أعلام من الزيتونة، محمود شمام: ص103.

مقالات مقترحة