بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

خطبة عيد عيد الأضحى.

الله أكبر: 6. الله أكبر لا كبير غيره. ولا عظيم بعده. الله أكبر يُبدِئ ويُعيد. بيده تفريج الكرب ورحمةُ العبيد. فسبحانه مُحوِّل الأحوال ومُكوِّر الليل على النهار. وهو الفرد القاهر الجليل القادر. تقدّس في عليائه وتنزّه في أرضه وسمائه. ونُصلّي ونُسلّم على خاتَم الأنبياء والرّسل من جاء بالحنفية السمحة والشريعة الواضحة والتي هي بالخيرات طافحة، وعلى كلّ الأزمان باقية صالحة. كما نُصلّي ونُسلّم على آله الأبرار وصحابته الأخيار وسائر التابعين ومن كان على هُداهم إلى يوم القرار.

أمّا بعد فيا أيّها المسلمون، لا تَغفَلُوا عن آداب الدّين وتوجيهات ربّ العالمين التي جاءت عن طريق سيّدنا وأستاذنا رسُولِ ربّ العباد والبلاد لإكمال مَحاسِن هذا العيد من رجوعنا، بعد صلاتنا، من غير الطريق التي سلكناها في مَجيئِنا. لِيَعْظُمَ أَجْرُنَا ويَقِلَّ وِزْرُنَا. ولِنَلِ ذَبْحَ ضَحايانا بأيْدِينَا أو بِيَدِ مَا تَسْتَثِيقُهُ أَنفُسُنَا، على أَنْ لا نُعْطِيَ شَيئًا مِنها أُجْرَةً على ذَبْحِهَا. ولنَتَصَدَّق مِنها ونَأكُل مِنها ولنَدَّخِر ونُهْدِي مَا شِئْنَا لِغَيْرِ كَافِرٍ، وَلَوْ جَارًا لَنَا، لِأَنَّهَا عِبَادَة فَلَا يُتَقَرَّبُ بها له. ولنُرِح ذَبَائِحَنَا حتَّى لا نُلْحِقَ بِها أَذًى زِيَادَةً على ذَبْحِها. فَلنَحُدَّ الشَّفْرَة. ولا نَنْحَرَ الشَّاةَ أمام أُختِها. ولا نَتَعَجَّل بِسَلخِها قبل تَحَقُّقِ مَوتِها. كما لا يَجُوز بيع شيءٍ مِن أجزَائِها، ومِن البيعِ مُبَادَلَةُ جُزْءٍ منها بشَيْءٍ مِن غَيْرِهَا. على أَنَّ المَهْدِيَّ له أو المُتَصَدَّقَ عَلَيْه بِشَيْءٍ مِنها، يَجُوز له بَيْع ذلك، ِلأَنَّ مُلْكَهُ لَهُ ليس بِعُنْوَانِ جُزْءٍ مِنَ الأُضْحِيَةِ. ثُمّ وقت الذبح نهارا، يَبتَدِئُ من بعدِ الصّلاةِ وتَقْديرِ وقتٍ يَرْجِعُ فيه إمامُ الصّلاةِ لمَنْزِلِهِ ويَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِ أُضْحِيَتِهِ. ولنصفح عمَّن أساء إلَيْنا ولنَتَزَاوَر سيّما بِما يُحَصِّلُ صِلَةَ الرَّحِم. إذْ صِلَة الرَّحِمِ مِن أَقْرَبِ القُربِ. كما علينا ألّا نَغْفَلَ عن الامتِثال لأمر الكبير المتعال. إذ يقول وهو أصدق القائلين: (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ). أيْ أيّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَة وهي اليوم الأول والثاني والثالث. فيُسَنُّ التَّكْبِيرُ بعد الصَّلَوَات المَكْتُوبَات، وَلَوْ جُمُعَةً بِمَا يُحَصِّل خَمْسَ عَشَرَ صَلَاةٍ. ومعنى ذلك أنَّه يُسَنُّ التَّكْبير بعد الفرض الحاضر، من ظُهر يوم العيد إلى ما بعد صلاة الصُّبح لليوم الرَّابع. ولكم جزيلُ الثَّواب على ذَلِكم مِن رَبِّكم الذي تُظْهِرُون بهذا عظيمَ تَعَلُّقِكم.

اللهم يا ربنا العظيم يا مالكُ يا كريم، زدنا تعَلُّقًا بذاتك العليّة، وتمَسُّكًا بالمِلَّة الحنفيّة، وثَبَاتا على الطّريق المَرْضِيَّة دون تحريف ولا تغيير ولا تبديل ولا تزوير. اللهم أصلح حالنا ومآلنا. واهْدِ أولادنا وشبابنا إلى طريق الهداية والرّشاد لا طريق الغواية والإلحاد. اللهم إنّا نعوذ بك من الهمّ والحزن، ونعوذ بك من العجز والكسل، ونعوذ بك من الجُبن والبُخل، ونعوذ بك من غَلَبَة الدَّيْن وقَهْر الرّجال. اللهم انْصُر المسلمين في كلّ الأقطار، والْطُف بِنا يا لَطِيف يا ستَّار. وطَهِّر دِيار الإسلام من الكُفْر والفُسُوقِ والعِصْيان. لا سيّما بَيْتَك المُقَدَّس. اللهم اجعل للمسلمين فيه مُتَنَفَّسا بِنُصْرَة أصحاب الحقِّ الأصيل، الإخوان الفلسطينيين. اللهم أَعْلِ كَلِمَتَهم وانْصُر دَعْوَتَهم واخْذُل عَدُوَّهم. اللّهمّ تَقَبَّل أعمالَنا، وبَلّغْنا فيما يُرْضِيكَ آمالَنا يا أكرَمَ الأكرمِين، يا أرحَمَ الرَّاحِمِين. ونَخْتِم دَعْوَانَا بالحَمْد لله رَبِّ العالمِين. ونُصَلِّي ونُسَلِّمُ بأكْمَلِ ما عندك مِن صلاة وسلام زَكِيَّيْن شَرِيفَيْن على أسعد المُرْسَلين، سيِّدنا ومَوْلانا مُحَمَّد خَاتَم الأنبياء والمُرسَلين، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وتَابِعِيهِم إلى يوم الدِّين. والتوفيق بيده سبحانه العظيم. اذكروا الله يذكركم.

مقالات مقترحة