عبد العزيز بن الطاهر بن الحاج عمر الزغلامي

نشأته:

     ولد صبيحة الأربعاء الفاتح من ربيع الثاني 1338 ه الموافق لـ 24 ديسمبر 1918م بسيدي أحمد الصالح معتمدية القلعة الخصباء من ولاية الكاف. نشأ في أسرة عريقة عرفت بالورع و الوطنية، حفظ القرآن الكريم والتحق بجامع الزيتونة المعمور بالعاصمة وتحصّل على شهادة الأهليّة ثمّ التحصيل ثمّ العالميّة في أصول الدّين كما زاول تعليمه بمدرسة الحقوق التونسيّة.
تولّى التدريس بالفرع الزيتوني بالكاف ثمّ خطة الإفتاء بها ليباشر بعدها القضاء الشرعي بكلّ من عين دراهم والكاف. ثمّ درّس بجامع الزيتونة المعمور منذ إعادة فتحه بعد 1988م كما دعي للتدريس كأستاذ محاضر بصفة معاون خارجي بكلّ من المعهد الأعلى للشريعة، والمعهد الأعلى لأصول الدّين، وذلك طيلة سبع سنوات متتالية كلّف خلالها بإلقاء محاضرات في عدد من المواد الأساسيّة الخاصّة بطالبي المرحلة الثانية والثالثة.
تدرّج في مختلف الخطط والوظائف العدليّة منها مستشار بمحكمة الاستئناف بتونس ثمّ قاض باللّجنة الجهويّة لتصفية الأحباس بولاية تونس والأحواز، ثمّ وكيل لرئيس المحكمة العقاريّة فمستشار بمحكمة التعقيب إلى أن عيّن رئيس دائرة بها واستمرّ في هذه الخطّة إلى زمن التقاعد سنة 1989م.
تولّى خطّة إمام خطيب بالجامع الكبير بالكاف، ثم بداية من ماي 1960م انتقل بنفس الخطّة إلى جامع الزيتونة البرّاني-أي خارج سور المدينة- المعروف بالزرارعيّة. كما تمّ اختياره عضواً بالمجلس الإسلامي الأعلى.
مثّل تونس في عدة ملتقيات دوليّة فقهيّة وشرعيّة بمختلف العواصم العربيّة مثل المدينة المنوّرة، مكّة المكرّمة، القاهرة، الجزائر، أبو ظبي، بغداد، والمدن الأوروبية مثل باريس، ليون، قرطبة، غرناطة وذلك لإلقاء المحاضرات والمداخلات بطلب من منظميها.

نضالاته في تونس وخارجها:
انخرط منذ شبابه بالحزب الحرّ الدستوري الجديد، وساهم في الحركة الوطنيّة بإلقاء عدّة محاضرات ودروس وطنيّة الّتي كان يلقيها بصفة دوريّة في مختلف مناطق الجمهوريّة بتكليف من القيادة المركزية للحزب فقد شارك في تنظيم الاجتماعات الوطنيّة والدعوة إلى المقاومة وجمع التبرّعات والأسلحة ونقلها إلى المقاومين المجاهدين وكان يتولّى ربط الصلة بينهم وبين القيادة المركزيّة بالعاصمة مستغلاً في ذلك الحصانة الّتي تمنحها له صفته كقاض فسخّر سيّارته الوظيفية لنقل المفرقعات والأسلحة والأدوية إلى المقاومين كما شارك ضمن الوفد السرّي الّذي قابل محمد الأمين باي إثر حوادث تازركة علما أنّ هذه الوقائع ثابتة جميعها بالشهادات المكتوبة الصادرة عن كبار قادة الحزب والمقاومة المسلحة والمودعة بالمركز الوطني للحركة الوطنية.
اسند إليه وساماً الاستقلال من الجمهورية التونسيّة من الصنف الثالث: جزاء جزيل أعماله من أجل تحرير الوطن واسترجاع عزّته و كرامته.

     قام بجولة عامّة في كامل القطر الجزائري، كان يمدّ المجاهدين بالعون المادّي وتحريض الشعب التونسي على المقاومة مع الحركة الجزائريّة، وذهب إلى فرنسا في ذي الحجة 1375 هـ الموافق لجويلية 1956م لإزالة الخلاف بين جماعة مصالي الحاج – رحمه الله – وجبهة التحرير. وكان في مسيرته النضاليّة دائم الإحتكاك بالعلماء و المناضلين و من بينهم المشائخ الأجلاء عبد الحميد بن باديس، ومحمّد البشير الإبراهيمي، والعربي التبسّي، وبلقاسم الزغداني، وعبد الرحمان شيبان، والنعيمي، وأحمد خير الدّين، والطّاهر الحراث، والشاذلي المكّي، وغيرهم.
سافر إلى المغرب حيث قام بزيارة معظم مدنها كفاس ومكناس والدار البيضاء والرباط وغيرها، وكان له صلة بعلال الفاسي زعيم حزب الاستقلال، والحاجّ إبراهيم الكتّاني من علماء المغرب وزعمائها الّذي قاد مظاهرة يوم اغتيال فرحات حشاد بالرباط وحكم عليه بالسجن سنة 1952م.
كانت القضيّة الفلسطينيّة شغله الشاغل حيث شارك إلى جانب الشعب التونسي في المظاهرات الّتي نظّمت سنة 1355 هـ / 1936 م، ضدّ الانتداب الإنكليزي بالإضافة إلى دعوته المتواصلة للدفاع عن هذه القضيّة من خلال الخطب الجمعيّة وفي الندوات والمؤتمرات سواء بالشرق أو بالغرب.
زار فلسطين سنة 1383 هـ / 1963 م والأردن ولبنان وسوريا وله علاقات بأهل سوريا وعلمائها، أبرزهم المرحوم الدكتور مصطفى السباعي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه في جامعة دمشق.

 مؤلّفاته:    

     نشر فضيلة الشيّخ عدداً من الدّراسات والمقالات في مختلف المجلات المتخصصّة والموسوعات الفقهيّة والجرائد اليومية، نذكر منها مجلة جوهر الإسلام والصادقيّة والهداية والمرجع والموسوعة الفقهيّة بالكويت وجريدة الصباح وأعدّ مجموعة من المِلفات لتنشر منها: تفسير سورة الفاتحة، تفسير آية الكرسي، روائع من السيرة العطرة، مناسك الحج والعمرة فقها وعملا من خلال المذاهب الأربعة، المواريث والوصية في الشريعة والقانون، الأسرة في الشريعة.

مقالات مقترحة