فرائض الوضوء سبعة وهي:
1 – النّيّة: وهي أن يقصد الإنسان بقلبه ما يريد فعله. وتجب النّيّة عند الابتداء في الوضوء وصورها:
أ- أن ينوي رفع الحدث الأصغر.
ب- أو استباحة ما منعه الحدث.
ج- أو قصد أداء فرض الوضوء.
ومحلّ النّيّة القلب، والأولى ترك التّلفّظ بها، ولا تفسد النّيّة لو قرنها المتوضّئ بنيّة رفع النّجاسة أو تبرّد أو تدفّؤ أو نظافة.
كما لا تفسد لو صاحبها استثناء ما يباح بالوضوء، كأن ينوي استباحة الصّلاة لا مسّ القرآن، أو استباحة صلاة الظّهر لا العصر. ويجوز له أن يأتي بالوضوء ما استثناه.
وضابط المسألة أنّ ما تجب فيه طهارة الحدث فإن الوضوء صالح لها جميعا ولو خصّص بعضها عند القيام به كمسّ المصحف والطّواف. وما لا تجب فيه طهارة الحدث كالوضوء لقراءة القرآن والنّوم فلا يفعل به ما تجب فيه طهارة الحدث.
ولا تجزئ النّيّة غير الجازمة كأن يقول: إن كنت أحدثت فهذا الوضوء لذلك الحدث. ولا يضرّ ذهاب النّيّة بعد الإتيان بها في أوّل الوضوء.
2 – غسل الوجه: والفرض في غسل الوجه مرّة واحدة. وَحَدُّ الوجه طولا من منابت شعر الرّأس المعتاد إلى منتهى الذّقن لمن لا لحية له؛ وإلى منتهى اللّحية لمن له لحية. ويجب إدخال جزء يسير من الرّأس في الغسل؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب مثله.
ويخرج الأصلع وهو من انحسر شعر رأسه إلى جهة اليافوخ، والأنزع وهو من له بياضان يكتنفان ناصيته، فلا يجب عليهما أن ينتهيا في الغسل إلى منابت شعرهما.
كما يخرج الأغمّ؛ وهو من نزل شعر رأسه إلى جهة حاجبيه فيجب عليه أن يدخل في غسله ما نزل عن المعتاد.
وحدّ الوجه عرضا من وتد الأذن اليمنى إلى وتد الأذن اليسرى، ولا يدخل الوتدان ولا البياض الّذي فوقهما ولا شعر الصّدغين. أمّا البياض الّذي تحتهما فهو من الوجه.
ويجب غسل وترة الأنف، وهي الحاجز بين طاقتي الأنف. ويجب غسل أسارير الجبهة، وغسل ظاهر الشّفتين وهو ما يبدو منهما عند انطباقهما انطباقا طبيعيا. ويجب غسل ما غار مثل الجفن وأثر جرح.
ويجب غسل شعر اللّحية والحاجب، وإيصال الماء إلى البشرة إذا كان الشّعر خفيفا. فإن كان كثيفا فإنّه يكره تخليله في الوضوء. ويجب عندئذ تحريكه فقط، ولا يطلب في الوضوء غسل أسفل اللّحية الّذي يلي العنق.
ومن غسل وجهه ثمّ أزال لحيته بعد الوضوء فلا إعادة عليه، ولو كانت كثيفة. ويحرم على الرّجل إزالتها.
3 – غسل اليدين إلى المرفقين: ويجب في غسل اليدين إدخال المرفقين وتخليل الأصابع ومتابعة تكاميش الأنامل. ولا يُطلب تحريك الخاتم إذا كان مأذونا فيه لرجل أو امرأة، ولو كان ضيّقا لا ينفذ الماء تحته.
والخاتم المأذون فيه للرجل هو ما كان من فضّة، وغير متعدّد، وكان وزنه درهمين، أي 5.88 غ، (لأنّ وزن الدرهم: 2.94 غ).
وأما الخاتم غير المأذون فيه شرعا كالذّهب للرّجل أو المتعدّد ولو كان أقلّ من الوزن الشرعي فلا بدّ من نزعه إذا لم يكن واسعا، وإلا يكفي تحريكه. ولا فرق هنا بين الخاتم المحرم والمكروه.
4 – مسح الرّأس: يجب مسح الرأس. وحدّه من منابت الشّعر المعتاد من الأمام إلى نقرة القفا. ويدخل في مسح الرّأس شعر الصّدغين ممّا فوق العظم النّاتئ في الوجه. ولا يجزئ الاكتفاء بمسح النّاصية، كما لا يجزئ المسح على العمامة.
ويجب مسح ما استرخى من الشّعر ولو طال جدّا. ولا يلزم الماسح ذكرا أو أنثى نقض المضفور إذا كان الضّفر بخيطين ولم يشتدّ. فإن اشتدّ أو كان مضفورا بأكثر من خيطين وجب نقضه وحلّه. وأمّا إذا كان الضّفر بنفسه دون خيوط فلا ينقض ولو اشتد.
والواجب في المسح مرة واحدة دون تكرير.
وإذا وجدت المرأة في مسح ما استرسل من شعرها مشقّة، فتعمل بقول الشيخ الصّاوي: “ينفع النّساء في الوضوء تقليد الشّافعي وأبي حنيفة” أي بمسح بعض الشّعر.
ومن مسح رأسه ثم حلقه لا يجب عليه إعادة المسح.
5 – غسل الرّجلين: ويجب في غسلهما إدخال الكعبين، كما يجب تعهّد ما تحتهما، كالعرقوب والأخمص، وهو باطن القدم. ويندب تخليل الأصابع ابتداء بخنصر الرّجل اليمنى إلى إبهامها، وبإبهام الرّجل اليسرى إلى خنصرها.
6 – الدّلك: وهو واجب في الوضوء، وهو إمرار اليد على العضو. ويكون بباطن الكفّ، فلا يكفي بظاهر اليد، كما لا يكفي دلك الرّجل بالأخرى ولا الدّلك بظاهر اليد. ولا يلزم اقتران الدّلك مع صبّ الماء، فيمكن أن يكون الدّلك بعد صبّ الماء على العضو بشرط قبل أن يجفّ.
ويندب أن يكون الدّلك خفيفا، ومرة واحدة، ويكره التشدّد والتّكرار لما فيه من التعمّق في الدّين المؤدّي للوسوسة.
وإذا عجز المتوضّئ عن الدّلك بيده لأعضاء الوضوء أو لبعضها فيسقط، ويكفي صبّ الماء على العضو.
7 -الموالاة: تجب الموالاة بين أعضاء الوضوء، وذلك بأن لا يقع تراخ بينها، وليس المراد بالموالاة الفور الّذي يسبب العجلة.
ومحلّ وجوب الموالاة إذا كان المتوضّئ ذاكرا لها وقادرا عليها. أمّا إذا كان ناسيا أو عاجزا فإنّها تسقط ويبني كما سيأتي.
فإن فرّق المتوضّئ بين الأعضاء اختيارا مع القدرة على الموالاة بطل ما فعله من الوضوء، وأعاده مع النّيّة. وإن فرّق ناسيا كونه في الوضوء فإنّه يبني على ما فعل، طال التّفريق أو لم يطل، ولو أكثر من نصف النهار، مع تجديد نيّة الوضوء بنيّة إتمامه.
وإن فرّق عاجزا ولم يكن مفرطا في أسباب العجز، كما لو أعدّ ماء كافيا فأهريق منه، أو أكره على عدم الإتمام، فإنّه يبني دون تجديد النّيّة طال التّفريق أو لم يطل.
وإن كان مفرّطا، كما لو أعدّ ماء غير كاف فإنّه يبني على ما فعله ما لم يطل التّفريق، فإن طال التّفريق ابتدأ وضوءه وجوبا لعدم الموالاة.
والطّول المذكور في المسائل المتقدّمة يقدّر بجفاف العضو الأخير في الزّمن المعتدل، وفي المكان المعتدل، بأن لا يكون القطر حارّا ولا باردا، وفي العضو المعتدل بأن لا يكون عضو شاب ولا شيخ كبير.