ترجمة الشيخ المحقّق محمّد أبو الأجفان
أعدّها د. خالد بن تعالى
هو الشيخ محمّد بن الهادي بن محمّد بن محمّد بن حمّودة بن القاسم أبو الأجفان القيرواني التميمي، من أسرة عربيّة تميميّة محافظة.
ولد الشيخ يوم 2ماي 1936م، بحيّ الأشراف بالقيروان، ونشأ في عائلة متوسّطة الحال والمعاش، متمسّكة بدينها ومحافظة على تعاليم الإسلام. حفظ القرآن الكريم في سنّ العاشرة في كتّاب الحيّ المسمّى «كتّاب الشيخ مالك»، ثم التحق متأخراً بسبب الحرب العلمية الثانية بالمدرسة الابتدائية «الفتح القرآنية»، ثمّ بالفرع الزيتوني بجامع عقبة بن نافع حوالي سنة 1949م، فتحصّل على الأهليّة وذلك في سنة 1953م.
وبعد حصوله على شهادة الأهلية، سافر الشيخ أبو الأجفان من القيروان إلى العاصمة تونس ليواصل تعليمه بجامع الزيتونة الأعظم، فتحصّل على شهادة التحصيل في سنة 1956م، على إثرها حدثت النكبة العظيمة وهي إيقاف التعليم الزيتوني، فشكّل هذا الأمر في نفس الشيخ صدمة عنيفة في سنّ لم يتجاوز العشرين سنة.
وفي سنة 1961م قام العلاّمة محمّد الفاضل ابن عاشور بتأسيس أوّل كليّة للتعليم العالي الزيتوني تسمّى «الكليّة الزيتونيّة للشريعة وأصول الدّين» فكان من الأوائل الذّين التحقوا بالمؤسسة وتحصّل على الإجازة في سنة 1965م ثمّ الماجستير في الفقه والسياسة الشرعيّة ثمّ على شهادة دكتوراه الحلقة الثالثة في سنة 1981م، والدكتوراه دولة من جامعة الإمام بالسعوديّة وذلك في سنة 1987م.
يعتبر الشيخ من أبرز العلماء المعاصرين الذّين خدموا المذهب المالكي بحقّ، فقد ألّف رحمه الله جملة من الكتب القيّمة، والعديد من الدراسات المفيدة، وحقق العشرات من الكتب النافعة. وقد درّس في الجامعة الزيتونية مدّة من الزمن إلى أن تقاعد ثمّ ارتحل إلى جامعة أمّ القرى بمكّة المكرّمة ليكون أستاذاً فيها لعشر سنوات، إضافة إلى العديد من المناصب الأخرى فهو: عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى بتونس، وعضو خبير بمجمع الفقه الإسلامي، وعضو بالمجلس الأوروبي للإفتاء والعديد من المؤسسات العلميّة الأخرى…
من أشهر شيوخه بالقيروان: الشيخ عبد الرحمان خليف، والشيخ محمد بن أحمد طراد، والشيخ منصف الرمّاح، والشيخ صالح البحيري. أمّا في تونس فمن أشهرهم: الشيخ محمّد الفاضل ابن عاشور، والشيخ محمّد الشاذلي النيفر، والشيخ محمّد الزغواني وغيرهم.
وفي سنة 2006م أصيب الشيخ بأزمة قلبيّة أدخل على إثرها بمصحّة خاصّة بتونس، وأجريت له عمليّة استبدال شريان ناجحة، غير أنّه بسبب ارتفاع السكر تعطّلت حركة الكّلى، وبعدها بأربعة أيام، وفي السادسة صباحاً من صباح يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان المعظّم، توفّي الشيخ أبو الأجفان رحمه الله، وانتقل إلى جوار ربّه سبحانه، ودفن بمقبر الجلاز بتونس، وقد صلّى عليه ابنه أنيس وجمع غفير من المشائخ وطلبة العلم.