يوم عاشوراء

الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور

 

يوم عاشوراء هو أقدم الأعياد الإسلامية وأكثرها اختلافا في العوائد بين بلدان الإسلام، وقد يدرك المسلمون عموما ما فيه من العوائد والإبداعات فيحتار أغلبهم في تعليلها وبيان وجه تسرّبها والكثير منهم لا يعلم عن هذا اليوم إلاّ أنّه يوم مقتل الحسين.

لذلك أحببنا أن نلمّ في هذه الكلمة بمنشأ هذا الموسم وتطوّراته قبل ظهور الإسلام وبعده وما لبعض الأمم الإسلامية فيه من العوائد المتباينة.

فنقول أنّ أصل هذا العيد من أعياد اليهود وهو عيد الفصح الذي يقام تذكارا لنجاة بني اسرائيل من تعذيب المصريين واختراقهم البحر الأحمر، تذبح فيه الشياه ويتجنب الخمير وهو المعروف اليوم عند اليهود بعيد الفطير.

وقد ورد ذكره في توراتهم في الإصحاح الثاني عشر من سفر الخروج وعين لليوم العاشر من الشهر الأول من السنة العبرانية بصريح التوراة.

إلّا أنّ ما أدخله اليهود على نظام سنتهم القمرية من النّسيء باعد بينه وبين عيد رأس السّنة وقد دخل هذا العيد بلاد العرب منذ أحقاب بعيدة فيما دخلها من تعاليم اليهودية وعوائدها بتكرّر نزوح اليهود إلى بلاد العرب.

إلاّ أن اليهود المهاجرين اصطلحوا على اعتبار هذا العيد في اليوم العاشر من الشّهر الأوّل من السّنة العربية وهو المحرم، فكانوا يظهرون فيه شعائر العيد ويصومونه، يشهد لذلك ما ورد في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنّه قال: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتّخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه جلبهم وشارتهم. وما في الصحيحين عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون فنحن نصومه تعظيما له.

وقد أخذ العرب في الجاهلية عن اليهود الاحتفال بهذا اليوم وإجلاله فأدخلوه في عوائدهم كما أدخلوا كثيرا من طقوس اليهودية والنصرانية والمجوسية والصابئة، والظاهر أنّهم لم يسمّوه باسم عاشوراء الذي عرف به في الإسلام، وإنّما هو من الأوضاع الإسلامية كما جزم به ابن الأثير في النهاية، وانبثت عادة تقديس يوم عاشوراء بين العرب حتّى تغلغلت في قريش وألحقت بشعائرهم في الجاهلية ففي حديث الصّحيحين عن عائشة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم من طرق أن يوم عاشوراء كان يصام في الجاهلية وأن قريشا كانت تكسو فيه الكعبة وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صامه قبل البعثة.

والأحاديث متظافرة على أن صومه لم يشرّع في الإسلام إلّا بعد الهجرة ففي البخاري عن عبد الله بن عبّاس وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لمّا سأل اليهود عن سبب صومهم يوم عاشوراء وقالوا له أنّه اليوم الذي نجّى فيه بني إسرائيل من عدوّهم فصامه موسى قال صلى الله عليه وسلم لإنا أحقّ بموسى منكم فصامه وأمر المسلمين بصيامه.

وظاهر الأحاديث أنّ صومه كان واجبا وهو مذهب جمهور الأئمة خلافا للشافعي رضي الله عنه.

وقد ابتدأ صومه في السّنة الثّانية من الهجرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك عاشوراء السّنة الأولى إذ كانت هجرته عليه السلام في ربيع الأوّل بلا ريب.

ولمّا فرض رمضان في شعبان من تلك السّنة نسخ وجوب عاشوراء بوجوب رمضان على قول الجمهور وخيّر المسلمون في صوم عاشوراء وبقي صومه مندوبا.

وقد كان كثير من الصّحابة يصومه وكثير منهم لا يصومه كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وعلى ذلك استمر هذا اليوم خافت الذّكر في عصر الصّحابة فلم نظفر بما يفيد لهم فيه عملا يخالف بقيّة الأيّام وبذلك يستدل لما مال إليه أحمد بن حنبل رضي الله عنه من انكار الحديث الذي أخرجه الطبراني في الأوسط في الحثّ على التوسيع في النفقة على العيال يوم عاشوراء، إذ لو كان الحديث معروفا عندهم لكانوا أسرع النّاس إلى العمل به.

وعلى كل حال فقد شاع ذلك الحديث في القرن الثّاني وتقرر العمل به في عوائد المسلمين في القرن الثالث كما تدلّ على ذلك الأبيات التّي كتب بها الإمام عبد الملك بن حبيب إلى الخليفة عبد الرّحمان بن الحكم بالأندلس ليلة عاشوراء وأوردها القاضي في المدارك وهي:

لا تنس لا ينسك الرحمان عاشورا    واذكره لازلت في الأحياء مذكورا

قال الرســـول صـلاة الله تشملـــه    قولا وجدنا عليه الحــــــق والنورا

من بات في ليل عاشوراء ذا سعة     يكن بعيشته في الحــــول مجبورا

فارغب فديتك خيرا فيه رغبتــــنا    خير الورى كلــــهم حيا ومقبورا

وقد صادف أن طرأ على يوم عاشوراء اثناء القرن الأول حادث قضى بتغيير صبغته وجعل مظاهره عند الأمم الإسلامية مختلفة باختلاف فرقهم وعصبيّاتهم الاعتقادية.

وذلك الحادث هو مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما سنة 61ه يوم عاشوراء باتّفاق المؤرّخين ومعلوم ما كان لذلك الحادث من الأثر في الدعوة الشيعيّة وما اصطبغت به منذ ذلك الحين من مظاهر الحزن والتحريك للثأر.

فبدأوا من أواخر القرن يلتزمون في هذا الموسم علامات من الأسف ومظاهر الحداد في حين اتّخذ أعداءهم النواصب ذلك اليوم عيدا ويوم سرور وقد ذكر المقريزي في خططه عند الكلام على أعياد الشّيعة أن ابتداء التظاهر بإعلان السّرور والفرح يوم عاشوراء راجع إلى ما سنّه الحجّاج لأهل الشام في عهد عبد الملك ابن مروان.

إلّا أنّ الحداد الشّيعي في عاشوراء لم يتقرّر رسميا في مظهره العمومي إلّا أواسط القرن الرّابع ببغداد في عهد سلطنة بني بويه، وكانوا هم الذين نظّموا الأعياد الشيعية فوضعوا عيد الغدير رمزا إلى حقّهم في الخلافة. وحزن عاشوراء رمز إلى انفلات ذلك الحقّ من بين أيديهم. قال ابن الأثير في الكامل: «وفي هذه السّنة (352) عاشر المحرم أمر معز الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم ويبطلوا الأسواق والبيع والشراء وأن يظهروا النياحة، ويلبسوا ثيابا عملوها بالمسوح، وأن يخرج النساء منشرات الشعور مسودات الوجوه قد شققن ثيابهن يدرن في البلد بالنوائح ويلطمن وجوهن على الحسين بن علي رضي الله عنهما ففعل الناس ذلك ولم يكن للسنية قدرة على المنع منه لكثرة الشّيعة ولأنّ السّلطان منهم اهـ.»

وعلى هذا المنهج جرى عمل الدّولة الفاطمية بمصر فكانوا يعطّلون الأعمال ويطوفون بالنّواح في القاهرة ويقيمون المناحات على المشهدين قبر كلثوم ونفيسة ثمّ صاروا يقيّمونها بالمشهد الحسيني عند تأسيسه في منتصف القرن السادس.

وكان يقام لذلك الحزن مجمع رسمي يشهده الوزير وقاضي القضاة وكان محلّ إقامته الجامع الأزهر ثم صار المشهد الحسيني، ثمّ يقام سماط بدار الملك يشهده وجوه الدولة ويلتزم في شكل تقديمه وأنواع الأطعمة المعروضة فيه ما يدلّ على التقشّف والحزن ويخالف سائر السماطات في الأعياد وقد فصل ذلك المقريزي في خططه عند الكلام على المشهد الحسيني.

ومن أحسن ما يتجلّى فيه ما بلغت إليه تلك العوائد من الاعتبار عند الشيعة أوائل القرن الخامس القصيدة الرائية الّتي وجهّها مهذب الدين أحمد بن منير الطرابلسي الشّاعر المشهور إلى الشريف المرتضى يسترجع بها مملوكه المسمّى تتر ويتهدّده إن هو لم يرجعه بالانسلاخ عن عقيدة الشيعة ومطلعها:

عذّبت قلبي يا تتر   وأطرت نومي بالفكر

يقول فيها:

بالمشعرين وبالصــــــــــــفا   والبيت أقسم والحجر

وبمن سعى فيه وطاف   بــــــــه ولبى واعتمـــــــــر

لأنّ الشّريف ابن الشّريف   الموسوي أبي مضر

أبدى الجحود ولم يرد   إلــــــى مملوكي تتر

واليت آل أمية الطهر   المــــــــــــيامين الغرر

ثم يقول عاطفا على    أمور ينكرها الشيعة

وحلقت في عشر المحرم   ما استطال من الشعر

ونويت صـــــــــــوم نهاره   وصيــــــــــام أيام أخر

ولبست فيه أجل ثوب   للملابس يدخـــــــــــر

وسهرت في طبخ الحبوب   من العشاء إلى السحر

وغدوت مكتحلا أصافح   من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطريق   أقص شارب من عبر

ويقول في مقابلته:

وإذا جرى ذكر الغدير   أقول ما صحّ الخبر

ولبست فيه من الملابس   ما اضمحل وما دثر

وقد استتبع ما عليه الشّيعة من إعلان مظاهر الحداد أن أصبح أضدادهم النّواصب يتعمّدون اظهار الفرح في يوم عاشوراء ويتّخذون فيه شعار الأعياد، حتّى اتّخذوا لذلك اليوم طعاما خاصّا تطبخ فيه الحبوب لم يزل معروفا عند النّاس إلى اليوم باسم العاشوراء وإليه يشير ابن منير بقوله فيما تقدم:

وسهرت في طبخ الحبوب   من العشاء إلى السّحر

وقد ذكر المقريزي أنّ بني أيّوب لمّا قام ملكهم بمصر بعد الفاطميين كانوا يتّخذون يوم عاشوراء يوم سرور ويظهرون فيه شعار الأعياد.

وقد دامت هذه الكيفيّات الثّلاث في معاملة يوم عاشوراء متميّزا بعضها عن بعض ما دامت المجتمعات المختلفة النحل متميّزة قائمة العصبيات، حتّى إذا بدأت العصبيّات الاعتقادية تتحلّل بسقوط الدّول الحافظة لها بدأت عوائد كلّ فريق تتسرّب إلى الآخر مسلوبة الرّوح مجهولة العّلة، وأعان على سرعة تلقّف هذه العوائد بين المجتمعات ما خيّم على المجتمع الإسلامي منذ سقوط بغداد من الجّهالة القاضية بتقلّب الأوهام والخرافات والإسراع إلى التعلّق بالشّيء لمجرّد ذكرانه بركة أو مجلبة خير.

فلذلك أصبحنا نجد المجتمع الإسلامي السنيّ منذ أواخر القرن السّابع تشيع فيه عوائد خاصّة بيوم عاشوراء هي خليط من عوائد الشّيعة وعوائد النّواصب وعوائد أهل السنّة المبنيّة على ندب صومه وتوسيع النفقة فيه مع التزامهم ما لا يلزم في تصوير ذلك بما يغلب على الظنّ أنّهم اقتبسوه عن اليهود.

وقد أورد ابن الحاجّ الفاسي دفين القاهرة من عوائد البلاد المصرية صدر القرن الثاني في كتاب المدخل ما يتبيّن فيه مقدار هذا الخلط.

فمن عوائدهم فيه التزام زيارة القبور واحضار الخيط والكتّان لأكفانهم، وهو أمر مستمدّ من عقائد الشّيعة المبنيّة على ما نقلوا من الأحاديث في فضل ميّت ذلك اليوم وتوسعّهم في رجاء ذلك للميّت الذي يترحّم عليه فيه أو يمت موته إليه بسبب.

ومن عوائدهم استعمال النّساء للحنّاء وهو من مظاهر الفرح وطبخ الحبوب الذي هو من شعار النّواصب كما تقدّم، ومن عوائدهم التزام أكل الدجاج وهو في الظّاهر من باب التوسعة في النّفقة، وفي الحقيقة أخذ من عيد أحدثه اليهود تذكارا لنجاتهم من الاضطهاد الفارسي في القرن السادس من قبل المسيح يلحقونه بعيد النّجاة الأكبر وهو المعروف عندهم بعيد بوريم.

وقد شاعت هذه العوائد مختلطة بتونس كما شاعت بمصر فنجدهم في القرن الحادي عشر يعدّون طعاما من الحلواء خاصّا بذلك اليوم ويلتزمون فيه أكل الدجاج كما بسطه ابن أبي دينار في المؤنس، وشاع عندهم ممّا ذكره في المؤنس أيضا التغالي في اقتناء الفواكه وتزيين محلاّتها واتّخاذ آلات الطرب لصغارهم، ولعلّ في هذا وإن كان أصله التّوسعة نزوعا إلى عادة النّواصب في اظهار الفرح بيوم عاشوراء.

ويضيفون إلى ذلك الإمساك عن إقامة الأفراح كامل الشّهر وترك الحنّاء للنساء ويلتزمون زيارة القبور وكل ذلك من العوائد الشيعية.

وعلى هذا النحو من الاختلاط تنتشر العوائد المتباينة في هذا اليوم بين غالب البلاد الإسلامية حيث تسود العقيدة السنيّة في حين تحتفظ المجتمعات الشّيعية المنحازة بفارس أو الهند بعوائد خاصّة بها في هذا الموسم ربما تبدو من الغرابة بمكان في نظر عموم المسلمين.

وقد بلغنا عن هذه الحفلات ما ضمنه الرحّالون الأرباويّون في القرن الثاني عشر كتبهم من الوصف المدقق لها مثل الرحّالة الفرنساوي مورييه الذي تردّد على بلاد الفرس فيما بين سنتي 1223 و1227 وكتب رحلتين قيّمتين زودنا في كل منهما بوصف حفلة من الحفلات الشّيعية تخالف أختها.

والرحّالة الفرنساوي أيضا روسليه الذي ساح في بلاد الهند ستّ سنين من سنة 1279 إلى سنة 1285 وألّف عن سياحته مجلّدا ضخما وصف فيه حفلتين شيعيّتين احداهما أقيمت في بومباي والأخرى في بهو بال.

أمّا الحفلان اللّذان ببلاد فارس فأحدهما شعبيّ أقامه عامّة النّاس خارج العاصمة وثانيهما رسميّ شهده الشّاه وحاشيته أقامته الدّولة بتخت الملك.

يبتدئ الأوّل بإعداد هيكل مزيّن على ربوة عالية في داخله صورة لقبر الإمام علي، ثمّ يقوم أحد زعمائهم يرتّل قصص آل البيت والسامعون يقاطعونه بالضرب على صدورهم بانتظام، ثمّ تحضر خشبة مزيّنة بأعلاها صورة سَيْفَي الإمام فيطأطئ لها ويضعها على بطنه ثمّ على صدره ثمّ على فمه وهتاف النّاس متصاعد من حوله ثمّ تظهر طائفة من الرجال تشخص للنّاس مقتل الحسن والحسين -والعقيدة الشّائعة عند العامّة في بلاد الإسلام أنّهما قتلا في يوم واحد- وينتهي بتصوير القتل فيعلو البكاء والنّحيب من كلّ جانب وينصرف النّاس.

والثّانية وهي التي يشهدها الملك وأعيان العلماء يقتصر فيها على سرد قصّة مقتل الحسين من طرف أحد مشائخهم يعرف بالمولى مصحوبة بتمثيل ما يسرد من طرف من يستمعون، لذلك حتّى إذا انتهوا إلى الضّربة القاضية أجهش الحاضرون بالبكاء فيطوف عليهم رجل بقطنة يجفّف بها دموعهم وتحتفظ في قارورة كامل العام يستشفي بها المرضى.

وأمّا الحفلان الهنديان فكلاهما شعبيّ ففي بومباي يستعدّ للموسم أهل اليسار باتخاذ صناديق يحاكون بها التّابوت المنصوب على مشهد الحسين بكربلاء، تصنع من العاج أو الابنوس أو الصندل وأحيانا من الفضّة، وفي ليلة عاشوراء يعرض تلك المئات من الصّناديق أصحابها بأزقّة البلاد، ويأتي النّاس يتبرّكون بها ويبخّرون حولها ويحيطونها بتماثيل ثمينة لأشكال مختلفة، ومن الغد تحمل تلك التوابيت ويسار بها في موكب صاخب بين البنود والرّماح حتّى ينتهي إلى شاطئ باكباي فتلقى في البحر وسط الهتاف العالي.

وفي بهو بال تقام سوق حاشدة من أوائل المحرّم يجتمع لها النّاس من كلّ صوب وتجري فيها من الألعاب البلهوانية ورياضات المتروحنين أمور مدهشة، كما تقام آلاف من الدّكاكين لعرض الفواكه المجففة وفي ليلة عاشوراء يحملون هياكل عظمى من الورق الثخين بديعة التزيين والتذهيب تحاكي في شكلها هيكل كربلاء، ويسيرون بها على ظهور الفيلة يعلو حولها الهتاف وطلقات البنادق، ويتقدّم الموكب رجل عليه أفخر الثّياب وأسنى الخلع يمثّلون به الإمام عليّا حتّى إذا جاء اللّيل اتّخذ جميع السائرين مشاعل، فسار بها الموكب قليلا حتّى إذا انتهى إلى البحيرة ألقيت المشاعل والهياكل وخيّم السّكون إذ كان الموكب قد انتهى.

 

المصدر: المجلّة الزيتونيّة

 

 

 

مقالات مقترحة