هل يثبت دخول شهر رمضان بالحساب الفلكي؟

السؤال:
 هل يثبت دخول شهر رمضان بالحساب الفلكي؟
الجواب:

لا يثبت دخول شهر رمضان بالحساب الفلكي، لا في حق الخبير به، ولا في حق غيره، لأنّ الشّرع أناط الحكم برؤية الهلال أو بإكمال الثلاثين، فعن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تصوموا حتّى تروا الهلال، ولا تفطروا حتّى تروه، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدد ثلاثين» [مالك، وأبو داود، والترمذي]، وفي رواية أبي هريرة: «فإن غمّ عليكم فصوموا ثلاثين يوما»[النّسائي]. وما ورد في رواية ابن عمر: «فإن غمّ عليكم فاقدُروا له»[مالك، والبخاري، ومسلم]، فإنّ الإمام مالك رأى في لفظ «فاقدوا له» أنّه مجمل، تُفسّره روايات إكمال الشّهر ثلاثين يوما.

     ولم يعلّق الشّرع دخول شهر رمضان وخروجه بالحساب الفلكي؛ لأنّ التّكليف بالعبادات مبنيّ على ما يعلمه الجماهير بحواسّهم، والرّؤية وسيلة حسّية لديهم، وأمّا الحساب الفلكي فهو علم نظريّ لا يعلمه إلاّ القليل منهم، فلو كلّفوا به لشقّ الأمر عليهم. كما أنّه لم يجعل خروج الهلال من شعاع الشّمس سببا في دخول الشهر ووجوب الصّيام والفطر، بل جعل نفس الرّؤية للهلال بعد خروجه من شعاع الشمس هو السّبب الشّرعي لذلك، بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» ولم يقل بخروجه عن شعاع الشمس، أي فإذا لم تحصل الرّؤية لم يحصل السّبب الشّرعي ولم يثبت الحكم. وهذا بخلاف أوقات الصّلوات الّتي اعتبر فيها العلم بدخول الوقت بأيّ وسيلة، فقد جعل الشّرع دلوك الشمس سببا لدخول وقت صلاة الظّهر، في قوله تعالى: ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس﴾ [الإسراء: 78]، ومعنى دلوك الشمس انحرافها عن كبد السماء بالنسبة لمن على الأرض، فجعل نفس الدّلوك سببا في وجوب الصلاة، وترك للناس معرفة ذلك بأي وسيلة ومنها الحساب الفلكي والساعة الرملية والساعة الشمسية، ولو لم يقع رؤية هذا الدّلوك عيانا.

شبكة تحرير وتنوير