ما هي حكمة مشروعية صيام شهر رمضان؟
ما هي حكمة مشروعية صيام شهر رمضان؟
تحدّث كثير من العلماء عن حكمة الشرع في صيام شهر رمضان، ومن ذلك ما قال الإمام محمّد بن راشد القفصي: ” إن الحكمة من الصوم هي:
ـ كسر النّفس عن الشهوات.
ـ وتصفية مرآة العقل للمكاشفات.
ـ والتشبّه بسكّان السّموات.
ـ والتنبيه على حقارة نفسه وعظمة ربّه، ليرغب في الجنّات.
ـ وليعلم قدر الجائع فيرغب في المواساة”. (المذهب في ضبط مسائل المذهب: 2/483)
وقال الشّيخ محمّد الطّاهر ابن عاشور: “في الصّيام حكمة عظيمة؛ لاشتماله على فوائد كثيرة، نفسانية وجسمانية.
فالنفسانية:
ـ منها التخلّق بالصّبر على أشدّ اللذّات تعلقا بالجبلة وأكثرها انبعاث في النفس.
ـ ومنها التخلّق بقوّة الإرادة على ترك المحبوب وارتكاب مصاعب الأمور.
ـ ومنها تذكير النّفس بحال حاجة المحتاج؛ لتنبعث فيها داعية مواساة الفقير.
ـ ومنها تقويّة النّاحية الملكية في الأرواح البشرية؛ لتتزكّى بذلك، وتتهيّأ؛ لأن تصدر عنها أفعال الخير.
ـ ومنها معرفة قدر نعمة تيسير الطّعام والشّراب؛ لشكر الله تعالى على ذلك، ويزن نعمه تيسيرها بحالة فقدها المؤقّت، فيتّعظ بها لو فقدها فقدا مستمرا.
وأمّا الجثمانية:
ـ فمنها التّعويد بتغيير أنظمة المعيشة؛ ليقتدر المسلم على تحمّل تغيير نُظم عيشه في مدّة الجهاد، وفي الاغتراب والأسفار، فيكون قليل الكروب عند الكوارث.
ـ ومنها إراحة الجهاز الهضمي وقتا طويلا؛ ليزول بذلك ما عسى أن يكون قد غشيه من صلصال الإفراز، وهي الفائدة الحاصلة من الحمية في علم الصحة
وفيه فوائد جمّة يعلمها الله تعالى، ولذلك قال الله تعالى في مقام التّرخيص لبعض الأعذار الخفيفة في الفطر: (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون).
ثمّ إنّ في توقيت هذه العبادة بشهر معيّن من العام لسائر الأمّة حكمة عظيمة، وهي تيسيره عليهم؛ لأنّ الاشتراك في المصاعب يسهّلها على النّفوس.
وفيه أيضا حكمة حصول النّظام في أمور المسلمين؛ ليعتادوا على النّظام من حصوله في أهمّ العبادات.
وفيه حكمة توقيت هذا التّغيير الواسع في نظام العيش بوقت معيّن مثل أوقات الحميات والأدوية في الطّبّ.
وفيه حكمة كونه جزءا من اثني عشر جزء من السّنة، فهو بمقدار ثلث فصل من فصول العام”.