فتوى عدد 126
يندرج هذا النوع من المعاملات تحت ما يعرف بعقد الإجارة، وقد أجازه علماؤنا إلاّ أنّهم اشترطوا لصحّة العقد أن يكون الأجر معلوماً ابتداءً عند العقد لما روي عن النبيّ ﷺ أنّه قال: «من استأجر أجيراً فليؤاجره بأجر معلوم إلى أجل معلوم» (أخرجه الإمام سحنون في المدوّنة) ففي الحديث أمر بتسمية الأجر، وهو نصّ في طلب العلم به.
أمّا ما يقع اليوم في بعض معاصر الزيتون من كون الأجر يقدّر ببعض ما يخرج من الزيت حال العقد ولا يعلم إلاّ بعد عصره، فالإجارة على مثل هذا الأجر المجهول فاسدة؛ وعلّة الفساد الجهل بقدر ما يخرج من الزيت وصفته، زد على ذلك الجهالة في قدر فضلات الزيتون الّتي هي تعتبر أيضاً جزءً متّفقاً عليه حين العقد من الأجر، وقد نهى النبيّ ﷺ: «عن الغرر في البيع» (رواه مالك ومسلم)، والقاعدة أنّ كلّ ما صحّ أن يكون ثمناً في البيع يحلّ في الإجارة، وكلّ ما يحرم في البيع يحرم في الإجارة.
وعليه فإن وقع الاتّفاق على ذلك فيجب فسخه قبل الشروع في عصر الزيتون، واستئناف عقد جديد على أجر معلوم نقداً أو كيلاً معلوماً من الزيت أو الفيتورة. وأمّا إن تمّ عصر الزيتون بناءً على الاتّفاق الفاسد فالواجب حينئذٍ على صاحب الزيتون أن يدفع لصحاب المعصرة أجرة المثل؛ أي المقدار المالي المعمول به لدى أصاحب المعاصر.
ووجب التنبيه أيضاً أنّه في صورة وقوع العقد على أجر معلوم فإنّ فضلات الزيتون (الفيتورة) هي ملك لصاحب الزيتون ولا يجوز لصحاب المعصرة اشتراط أخذها حتّى لا يقع الغرر في الأجر، إلاّ ببيعها له بعقد مستأنف بعد وجودها لا قبله.
(المقدمات: 2/166؛ الكلّيات الفقهيّة للمقّري: ص162؛ الذخيرة: 5/289؛ الفقه المالكي وأدلّته: 6/253)